”رشا بنت نابلس”.. امتهنت البحث عن المتاعب في أرض المصاعب
الأكثر مشاهدة
شهد محيط المسجد الأقصى، اشتباكات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال الإسرائيلية إثر نصب بوابات إلكترونية على مداخل المسجد منذ الرابع عشر من يوليو الجاري، بعد استشهاد ثلاثة شبان فلسطينيين في باحات المسجد الأقصى، ومنع صلاة الجمعة في المسجد للمرة الأولى منذ 50 عامًا، هذا حدث ضمن آلاف الأحداث الذي يتعرض لها الفلسطينيون بشكل مستمر، وتُنقل للعالم بعدسات المراسلين الميدانيين، فهو عين المعركة الذي يقدم السياقات المهمة حول الأحداث، وللتبحر أكثر لمهام المراسل الميداني تواصل (احكي) مع المراسلة "رشا حرزالله".
"عزمت على دراسة الإعلام وأن أكون واحدة مما يوصلون رسالة شعبهم وقضيتهم إلى العالم"، استهلت ابنة القضية الفلسطينة "رشا حرزالله" التي ولدت في عاصمة دولة فلسطين الأثرية والإقتصادية مدينة "نابلس"، وحصلت على شهادة البكالريوس من جامعة النجاح الوطنية حديثها عن اختيارها لمهنة البحث عن المتاعب منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، فكانت الشراراة التي حركت شغفها نحو اختراق العمل الميداني، ومثل ارتقاء الشهداء الذي وصل عددهم إلى 5000 في الانتفاضة حافزا آخر لاختيار بؤرة الأحداث.
عادت بالذاكرة المحملة بالأحداث إلى الخلف متذكرة رؤيتها للصحفية الفلسطينية التي تعمل في قناة الجزيرة "شيرين أبو عاقلة" خلال تغطيتها للمنطقة التي تقطن بها، مما زاد رغبتها للدخول إلى مجال العمل الذي يوصف بخطورته البالغة، وخرج حلمها إلى النور في عام 2011 عندما عملت مراسلة ميداينة وحربية لدى وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".
"طبيعة الأحداث في فلسطين تتطلب العمل في الميدان، هذا شيء ليس اختياري"، نبع حبها الشديد للعمل الميداني من إيمانها بالقضية الفلسطينية وشغفها لنقل الحدث بواسطة الصورة ومقاطع الفيديو "هذا يلقي علي مسؤولية أخلاقية تجاه وطني بأن أكون حاضرة أسوة بغيري في الميدان".
جنازات الشهداء واعتصامات عائلات الأسرى تأتي على رأس أولوية التغطيات الصحفية للفتاة التي تتعرض للخطر بشكل يومي، إلى جانب المسيرات والمظاهرات التي لا حصر لها داخل الأراضي المحتلة، فمنذ عملها الذي بدأ في 2011 مرت بالعديد من الأحداث من أهمها الحرب على غزة 2014 "أذكر أحداث أخرى كادت أن تودي بحياتي، من خلال تعرضنا للاعتداءات من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي، وأحيانا كثيرة كانوا يطلقون النار بشكل مباشر صوبنا، رغم ارتدائنا زي الصحافة."
إغلاق حاجز بيت إيل العسكري شمال مدينة رام الله في نوفمبر 2016، من أهم الأحداث الذي ظلت عالقة في ذهن المراسلة الميدانية، وقارنتها بالأحداث الحالية التي تدور حول المسجد الأقصى "أنا ما بغطي بالقدس لأني ممنوعه من الدخول، أنا بغطي الأحداث في الضفة يعني تحديدا رام الله"، مستكملة بأن التصعيد الإسرائيلي يمارس في مختلف مدن الضفة المحتلة، حيث تستخدم قوات الاحتلال الرصاص الحي والمطاطي والغاز المسيل للدوع "في إحدى المرات قاموا بإلقاء قنابل الصوت تجاهنا نحن الصحفيين هم لا يتوانوا لحظة عن الاعتداء علينا".
وفيما يتعلق بتعامل الجانب الإسرائيلي مع الصحفيين، بينت أن ممنوع دخول الفلسطينيين أو الصحفين من حملة الهوية الخضراء -هي هوية الضفة المحتلة إلى مدينة القدس- إلا بتصريح وأذن رسمي من قوات الاحتلال وغالبا لا يتم الحصول عليه بسبب حجة الرفض الأمني، حيث اعتدت قوات الاحتلال على الصحفيين، عند باب الأسباط المؤدي إلى الحرم القدسي الشريف، ومنعتهم من دخول البلدة ، إلا لمن يملك عنوان سكن من الصحفيين في البلدة.
في سياق متصل للحديث عن التعامل الإسرائلي، ذكرت المراسلة التي تبلغ من العمر 33 عاما، بأنه في إحدى المرات خلال تغطيتها الصحفية لمسيرة قرب مدينة رام الله تسمى "بيرزيت" أطلق جنود الاحتلال الرصاص الحي تجاهها وهددوها خلال محاولة وصولها إلى أحد المنازل الذي جرى فيه عملية اغتيال أحد الشهداء "الدولة المحتلة تمنعنا من الدخول والتغطية في منطقة القدس والداخل الفلسطيني المحتل عام 48 إلا من خلال تصريح" وهذا ما وصفته بأنه مخالف لكافة القوانين الدولية.
ولتجنب تلك التهديات خاصة أن العمل داخل الأراضي الفلسطينية ذات طبيعة خاصة بسبب الاحتلال، تتبع ابنة محافظة نابلس -التي تقع شمال الضفة الغربية-، مجموعة من القواعد أهمها ارتداء الزي الخاص للصحفيين في مناطق النزاع الذي يتكون من (الدرع، والخوذة، والكمامة) ، إلى جانب أخذ المكان المناسب للتغطية بحيث لا تعرض حياتها للخطر، كما إنها تقوم بدراسة الحدث قبل الذهاب لتغطيته لمعرفة ما يلزمه من مقابلات ومعدات.
واستكمالا للنقطة السابقة أكدت "حرزالله" على أن العالم العربي غير مهيأ للصحافة بشكل عام والعمل الميداني بشكل خاص بسبب القيود المفروضة على حرية الرأي والتعبير حيث تعرض الكثير من الصحفيين إلى الملاحقة والاعتقال "فمعظم وسائل الإعلام العربية تفتقر إلى أدنى شروط العمل المناسبة من ناحية معدات وأدوات ورواتب"، إلى جانب تبعية الوسائل لأصحاب المصالح.
لم تفصل بين الميدان وشخصيتها "الميدان هو المعلم الأول" حيث ساعدها على صقل شخصيتها وجعلها أكثر قدرة على تحمل ومواجهة الصعاب ، كما مدها بآليات التعامل مع الشخصيات المختلفة، وأصبح لديها شبكة علاقات أكثر في عدة مجالات.
الاستعداد الدائم للتعلم المستمر هدف تضعه نصب أعينها، فلم تعتمد على سلاح خبرة السنوات المتراكمة بل تحرص على التعلم من خلال حضور الورش التدريبية في مختلف الدول العربية بالإضافة إلى الحقل الأكاديمي "رغبتي الأولى هي إكمال تعليمي والحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه".
يظل الحلم عالقا بين خوف الأهل ورغبة صاحبه، خاصة لو حف الحلم المخاطر من كافة الاتجاهات فقالت "حرز الله" في هذه النقطة "حاولت عائلاتي التأثير على قرار اختياري وإقناعي بأن أكون أستاذة أو موظفة في بنك، لكنني كنت مصممة على اختياري" ، موضحة أنها وجدت حلمها الذي بحثت عنه كثيرا في الإعلام، ومع مرور الأيام تأكدت العائلة من صواب اختيارها، وبينت شغفها بالعمل الميداني من خلال حلمها بالذهاب إلى تغطية أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الذي يصل عدد لأكثر من 5 مليون لاجىء حول العالم، لتكشف ما حل بهم.
ولتحقيق حلمها على الصعيد المهني والإنساني تمنت الالتحاق إلى مؤسسة دولية مثل الصليب الأحمر أو اليونيسيف، ليس لمساعدة الفلسطينيين فقط بل أي منطقة تحتاج إلى المساعدة.
حصلت على جائزة من قبل وزارة الحكم المحلي الفلسطيني، وكانت عبارة عن درع تقديري لفوز المراسلة الميدانية بالمرتبة الثالثة عن تحقيق صحفي عن إحدى القرى الفلسطينية، التي تتعرض لفيضانات مياه الصرف الصحي، وكشف المسؤول عن ذلك.
الكاتب
سمر حسن
الأربعاء ٢٦ يوليو ٢٠١٧
التعليقات
لا يوجد تعليقات
اترك تعليقا